طنجة تتصدر المشهد السياحي في المغرب بنمو قياسي يفوق كبريات المدن

 

في خطوة تعكس دينامية غير مسبوقة لمدينة الشمال، سجلت طنجة أعلى نمو سياحي في المغرب خلال النصف الأول من سنة 2025، متفوقة على مدن كبرى مثل الدار البيضاء ومراكش، وذلك وفقًا لأحدث بيانات صادرة عن مرصد السياحة. فقد حققت المدينة ارتفاعًا بنسبة 24 في المائة في عدد ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مما جعلها الوجهة الأكثر نموًا على الصعيد الوطني، متقدمة بفارق واضح على الدار البيضاء التي سجلت نمواً بنسبة 18 في المائة، تليها فاس بـ16 في المائة، ثم الصويرة وأكادير والحوز ومراكش والرباط بنسب متفاوتة.

يرى متتبعون للشأن السياحي أن هذا الأداء اللافت يعود إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها تحسين البنية التحتية الفندقية والنقل، إلى جانب جاذبية المدينة المتزايدة لدى السياح الأوروبيين والمغاربة على حد سواء. فقد شهدت طنجة تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، تجلت في افتتاح وحدات فندقية راقية، وتوسيع مطار طنجة ابن بطوطة، إضافة إلى تطوير شبكة النقل، وعلى رأسها القطار فائق السرعة الذي ربط المدينة بالعاصمة في أقل من ساعتين، مما عزز من سهولة الوصول إليها.

كما ساهمت الحملات الترويجية المكثفة، على المستويين المحلي والدولي، في إبراز المؤهلات السياحية للمدينة التي تجمع بين التراث الأندلسي والمتوسطي والطابع العصري، وهو ما جذب شرائح متنوعة من الزوار، سواء من العائلات المغربية أو من السياح الأجانب الباحثين عن وجهة جديدة تتميز بالتنوع والتجدد.

على صعيد أوسع، أفاد مرصد السياحة بأن مجموع ليالي المبيت المسجلة بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة على المستوى الوطني ارتفع بنسبة 13 في المائة خلال النصف الأول من سنة 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية. ويعزى هذا التطور إلى ارتفاع السياحة الوطنية بنسبة 5 في المائة، والسياحة الدولية بنسبة 16 في المائة، في دلالة واضحة على عودة النشاط السياحي بشكل متوازن بين الزوار المحليين والأجانب.

وفيما يخص إيرادات السفر بالعملة الصعبة المتأتية من السياحة الدولية، فقد بلغت خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية ما يزيد عن 53.96 مليار درهم، بزيادة بنسبة 10 في المائة مقارنة بسنة 2024، وهو مؤشر قوي على تحسن أداء القطاع السياحي كمصدر للعملة الصعبة ورافعة أساسية للاقتصاد الوطني. كما ارتفع عدد السياح الوافدين إلى المغرب عبر المعابر الحدودية بنسبة 19 في المائة، ليبلغ حوالي 8.88 مليون شخص، ما يعزز التفاؤل بشأن تحقيق أرقام قياسية جديدة مع نهاية السنة الجارية.

وسط هذه الدينامية الإيجابية، تبدو طنجة مرشحة للعب دور أكبر في خارطة السياحة المغربية خلال السنوات المقبلة، خصوصًا مع المشاريع الكبرى التي تعرفها المدينة، كميناء طنجة المتوسط والمنطقة الحرة الصناعية، إلى جانب توجهها نحو تطوير السياحة الثقافية والبيئية والمستدامة. ويؤكد مهنيون أن الحفاظ على هذا الزخم يتطلب مواصلة الاستثمار في الجودة والرقمنة والخدمات، مع التركيز على تنويع العروض السياحية لتشمل أنماطًا جديدة مثل السياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات والرياضات البحرية.

طنجة اليوم ليست فقط بوابة الشمال، بل باتت نموذجًا لمدينة مغربية استطاعت أن تعيد رسم موقعها على الخريطة السياحية بفضل رؤية متكاملة تجمع بين البنية التحتية، والانفتاح الاقتصادي، والتسويق الذكي، والتجربة السياحية المتميزة التي تقدمها لزوارها من مختلف أنحاء العالم.