
بعد منع ثلاث سفن إنسانية من الوصول إلى قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 18 عاما، تستعد عشرات السفن للإبحار في نهاية غشت الجاري وبداية شتنبر من ضفتي البحر الأبيض المتوسط نحو غزة، في إطار ما يُعرف بـ “أسطول الصمود العالمي”، والذي يوصف بأنه أكبر تحرك مدني بحري في التاريخ الحديث. ويشارك في هذه المبادرة أكثر من خمسين سفينة ونشطاء من 44 دولة، في محاولة لكسر الحصار البحري المفروض على غزة منذ سنوات، وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، وإيصال رسالة تضامن شعبي دولي مع الفلسطينيين.
أولى البعثات من المقرر أن تنطلق يوم 31 غشت 2025 من إسبانيا، على أن تنطلق بعثة أخرى من تونس يوم 4 شتنبر. ويشارك في هذه الرحلة نشطاء حقوقيون وسياسيون وأكاديميون، من بينهم شخصيات بارزة مثل الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ، وعمدة برشلونة السابقة آدا كولاو، في إشارة إلى الطابع العابر للقارات لهذه المبادرة، حيث يلتقي متضامنون من أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية والمحيط الهادئ. ويؤكد المنظمون أن هذه الجهود الشعبية تأتي لتعويض فشل الحكومات في التحرك، ولإبراز أن الشعوب لن تصمت أمام ما يصفونه بالإبادة الجماعية والتجويع الممنهج في القطاع.
التحالف الذي يقف وراء هذا التحرك يضم أربع مبادرات مدنية: تحالف أسطول الحرية، الحركة العالمية نحو غزة، أسطول الصمود المغاربي، ومبادرة “صمود نوسانتارا” التي تضم نشطاء من جنوب وجنوب شرق آسيا. ويشدد المنظمون على أن هذه المهمة ذات طابع سلمي وقانوني بالكامل، وأن أي محاولة من جانب إسرائيل لاعتراضها في المياه الدولية تُعتبر قرصنة واعتداءً على سفن مدنية محمية بموجب القانون الدولي.
هذا التحرك يأتي بعد سلسلة محاولات سابقة شهدتها الشهور الماضية، بينها سفينة “مادلين” التي أبحرت في يونيو 2025 بمشاركة غريتا ثونبرغ، وسفينة “حنظلة” التي انطلقت في يوليو من إيطاليا قبل أن يتم اعتراضها من البحرية الإسرائيلية واعتقال طاقمها، بينهم الصحافي المغربي محمد البقالي مراسل قناة الجزيرة، الذي أُفرج عنه بعد أيام إلى جانب عدد من النشطاء. كما تعرضت سفينة “الضمير” لهجوم بمسيّرات في المياه الدولية قبالة مالطا، ما أدى إلى اندلاع حريق فيها وفقدان الاتصال بها.
ويقول منظمو الأسطول إن المخاطر واردة، لكن الخطر الأكبر هو ترك إسرائيل وحلفائها يواصلون جرائم الحرب دون مساءلة. ويراهنون على ضغط الرأي العام الغربي وعلى التغطية الإعلامية الواسعة التي تحظى بها هذه المبادرة مقارنة بمحاولات سابقة. بالنسبة لهم، هذا ليس مجرد أسطول بحري، بل فعل مقاومة مدنية ورسالة إلى العالم بأن غزة ليست وحدها، وأن الحصار مهما طال لا يمكن أن يتحول إلى أمر واقع دائم.