: 14 مايو، 2025 : Ahmed Hanini : 0

في جلسة استمرت لساعات متأخرة من مساء الثلاثاء، أتمت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب المغربي مناقشتها لمشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، حيث صوّتت بأغلبية 18 صوتاً مقابل معارضة 7 نواب، دون أي امتناع عن التصويت. وقد ترأس الجلسة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي أدار النقاش حول هذا المشروع القانوني المثير للجدل، والذي يتضمن سلسلة من التعديلات الجوهرية على النظام الجنائي الحالي.

خلال المناقشات، كشف وهبي عن موقف الحكومة من التعديلات المقترحة من قبل الفرق البرلمانية المختلفة، حيث قبلت 43 تعديلاً من أصل 155 مقدماً من الأغلبية، و42 من أصل 309 من الفريق الاشتراكي، و28 من أصل 186 من الفريق الحركي. كما استجابت لـ11 تعديلاً من أصل 167 قدمها فريق التقدم والاشتراكية، و21 من أصل 435 من مجموعة العدالة والتنمية. أما بالنسبة للنواب غير المنتمين، فقد قبل تعديل واحد من أصل 12 للنائبة ريم شباط، وتعديلان من أصل 55 للنائبة فاطمة التامني، وتعديل واحد من أصل 24 للنائبة نبيلة منيب.

أثارت المادة الثالثة من المشروع جدلاً واسعاً، حيث أصرت الحكومة على الإبقاء على القيود المفروضة على جمعيات المجتمع المدني في رفع الشكاوى في قضايا الفساد والمال العام، رغم المطالبات البرلمانية بتعديل هذه المادة. وقد برر وهبي هذا الموقف بالحاجة إلى “حفظ الوقت” وترك المجال لمناقشة القضايا الأكثر أهمية، مؤكداً أن جميع التعديلات قد تم دراستها بدقة من قبل لجنة وزارية مختصة.

يتضمن المشروع سلسلة من المستجدات الهامة تهدف إلى تحديث النظام القضائي الجنائي، حيث يشدد على تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة من خلال مراجعة شاملة لتدابير الحراسة النظرية وتقييد استخدامها، مع إدخال آلية التسجيل السمعي البصري أثناء استجواب المشتبه بهم في الجرائم الخطيرة. كما يولي المشروع اهتماماً خاصاً بحماية حقوق الموقوفين، حيث ينص على إجراء فحص طبي إلزامي إذا ظهرت على المشتبه به علامات تعذيب أو سوء معاملة.

من الناحية الإجرائية، يعزز المشروع حقوق الدفاع من خلال منح المحامين حق الوجود منذ الساعات الأولى للتوقيف، وحضور استجواب الأحداث والأشخاص ذوي الإعاقة. كما يوسع نطاق الجرائم القابلة للتسوية عبر الصلح، وينظم آلية الشكاية المباشرة والوساطة الجنائية. وفي مجال مكافحة الجريمة المنظمة، يمنح المشروع النيابة العامة سلطات أوسع في إجراء البحوث المالية وتجميد الأموال المشبوهة.

على الصعيد الدولي، يأتي المشروع متوائماً مع المعايير الدولية في مجال مناهضة التعذيب وحقوق الإنسان، حيث يضع آليات وقائية صريحة ضد سوء المعاملة. كما يعزز التعاون القضائي الدولي من خلال تبني تقنيات حديثة في التحقيق والمحاكمة. وبالنسبة لفئة الأحداث، يؤكد المشروع على الطابع غير العقابي لمحاكمتهم، مع التركيز على المصلحة الفضلى للطفل.

ختاماً، يسعى هذا الإصلاح الشامل إلى معالجة الثغرات في النظام القضائي الحالي، مع التركيز على تحقيق التوازن بين فعالية العدالة الجنائية وضمان حقوق المتهمين والضحايا على حد سواء، في إطار مسعى لتحديث المنظومة القانونية بما يتماشى مع التطورات الدستورية والالتزامات الدولية للمملكة.

Leave a Comment