
مراسل خاص – تغطية حصرية
في أحد أروقة قسم حفظ الصحة والمحافظة على البيئة، التابع لمؤسسة الطب الشرعي، يعلو صدى خطوات مستعجلة، ووجوه متعبة، وأطفال متمسكون بأذرع أمهاتهم… هنا، لا حديث سوى عن الكلاب الضالة.
ففي جهة الشمال، وخاصة طنجة ومحيطها، تحولت عضّات الكلاب إلى روتين يومي مرعب، إذ لا تقل الحالات المسجلة عن أربعين حالة عضة يوميًا، منها أجانب وسياح أوروبيون، إلى جانب كبار السن، وبعض الشباب والأطفال.
زرت شخصيًا المركز المتخصص في التلقيح ضد السعار بغابة الرهراه – برانص، حيث يُحال كل من تعرض للعض، وهناك وقفت على حجم الكارثة المتفاقمة: طوابير طويلة، مصابون ينتظرون دورهم، وحالات متكررة تحمل تقارير طبية من أطباء مختصين.
من داخل المركز: بروتوكول علاجي صارم… لكن الضغط كبير
بمجرد دخول المصاب، يتم تحويله إلى طبيب مختص لتحديد درجة خطورة العضة:
سطحية / متوسطة / أو خطير
بناء على هذا التشخيص، يتم تحديد عدد حصص التلقيح التي يجب أن يخضع لها المصاب. وغالبًا ما يخضع الجميع لبروتوكول “خماسي” يشمل خمس جرعات موزعة كالتالي:
الجرعة الأولى في يوم الإصابة/ثم حصة بعد 6 أيام / حصة ثالثة بعد 6 أيام / أخرى والرابعة بعد 6 أيام/ثم الحصة الأخيرة تبرمج بعد 14 يوما لتثبيت فعالية الدواء بشكل نهائي.
أحد السائحات تروي قصتها وتقول.
“في بلد سياحي مثل المغرب، لم أكن أتوقع أن أتلقى عضة كلب … الامور جيدة مع المركز الطبي، لكن يجب حل المشكل من جذوره”.
تساؤلات مشروعة: أين هي حملات محاربة الكلاب الضالة؟
رغم الجهود الطبية واللوجيستيكية المبذولة، يطرح المواطنون سؤالًا بسيطًا:
“إلى متى سيبقى العلاج هو الحل الوحيد؟ أين هو الوقاية؟ أين هي حملات جمع الكلاب؟”
مصدر من داخل المركز أكد لنا أن القسم الصحي يقوم بواجبه الكامل، لكن عدد الحالات تجاوز قدرات المركز في بعض الأيام، في ظل غياب تنسيق فعّال مع الجهات الجماعية والمصالح البيطرية المختصة.
ما يجري في الشمال ليس مجرد حوادث معزولة، بل هو وضع طارئ يتطلب تدخلا شاملا، يجمع بين الصحة والبيئة والجماعات المحلية، قبل أن تصبح عضات الكلاب الضالة كارثة وطنية يصعب التحكم فيها.