: 17 مايو، 2025 : Ahmed Hanini : 0

 

في عالم كرة القدم، حيث تُقاس الأحلام بالأرقام وتُقاس المواهب بالعقود، يظهر بين الحين والآخر من يُعيد كتابة القواعد. لامين يامال، ذلك الفتى الذي ما زال يتذكّر طعم الحلوى في طفولته، أصبح اليوم اسماً يُثير الجدل ليس فقط على أرض الملعب، بل أيضاً في سجلات الاقتصاد الرياضي.

قبل سنوات قليلة، كان مجرد وجه جديد بين صفوف أكاديمية برشلونة، يُشبه عشرات الفتيان الذين يحلمون بلحظة واحدة تحت الأضواء. لكن اليوم، تحوّل إلى ظاهرة تتجاوز حدود المستطيل الأخضر. باتت قميصته من أكثر القمصان مبيعاً، ووجوهه يملأ لوحات الإعلانات، وحتى خطواته خارج الملعب تُحلّل كما تُحلّل خطوات العظماء.

في المكاتب الضيقة لمديري التسويق، يُنظر إلى يامال ليس فقط كلاعب، بل كقصة إنسانية تصلح لأن تكون علامة تجارية. فتى من أصول أفريقية، نشأ في إسبانيا، يحمل في قدميه إيقاعاً مختلفاً، وفي عينيه بريقاً يذكر الجميع بأن الأحلام ممكنة. هذه العناصر جعلت منه مادة دسمة للعقود التجارية، حتى قبل أن يصل إلى العشرين من عمره.

لكن وراء كل هذه الأضواء، يبقى سؤالٌ يتردد في أروقة كرة القدم: إلى أي حد يمكن للقيمة التسويقية أن تسبق الإنجازات؟ فالتاريخ يعرف نجومًا سطعت أسماؤهم في سوق الانتقالات قبل أن تثبت أقدامهم في البطولات الكبرى. بينما يُحذّر القدامى من أن سوق كرة القدم أصبح سريعاً إلى درجة قد تحرق المواهب قبل أن تنضج.

يامال نفسه يبدو غير مهتم بهذا الضجيج. في كل مقابلة، يتحدث عن كرة القدم ببراءة الطفل الذي ما زال يعتبر اللعب في الشارع مع الأصدقاء أجمل من أي عقد. ربما هذه البراءة نفسها هي ما يجعل سوقته ترتفع، في زمن أصبحت فيه الشخصيات “المصنوعة” أكثر من الطبيعية.

في النهاية، سواء ارتفعت قيمته أو انخفضت في البورصات الرياضية، يبقى يامال ذلك الفتى الذي يُذكر الجميع بأن كرة القدم، قبل أن تكون أرقاماً وعقوداً، هي لعبةٌ بسيطة يحبها الصغار والكبار. والأهم من أي قيمة تسويقية، هو أن يستمر في تقديم المتعة للجماهير، لأن التاريخ لن يتذكر الأرقام، لكنه سيتذكر اللحظات التي جعلت قلوب المشجعين تقفز من الفرح

Leave a Comment